لماذا يُطلَب منك إثبات أنك لست روبوتاً؟ وما هي آلية عمل CAPTCHA

هل تساءلت يوماً لماذا يُطلب منك في بعض الأحيان أثناء تصفحك للإنترنت إثبات أنك لست روبوتاً من خلال إكمال أُحجية ما؟ وهل هي فعلاً مُجدية؟ سنشرح في هذه المقالة مبدأ الـCAPTCHA وكيف تطوّرت مع الزمن. وسنتحدث عن الصور التي تستخدم فيها وماهيّتها، وماذا يُستفاد منها في الحياة الواقعية.

فلنبدأ بشرح السبب وراء إنشاء اختبارات إثبات أنك لست روبوتاً:

ما هو الهدف من الـCAPTCHA؟

يهدف الإنترنت عموماً إلى تشكيل مجتمع افتراضي يتفاعل من خلاله أشخاص حقيقيون، بحيث يتبادلون فيه المعارف ويتشاركون في إنجاز المهام والتسلية وغيرها. وبما أننا حوّلنا التفاعل الحقيقي إلى تفاعل إلكتروني، فيمكن لأي روبوت (إلكتروني) أن يتسلل لهذا المجتمع وربما يستغلّه بطريقة ما. وطبعاً هذه الروبوتات أو البرمجيات تكون مُدارة من قبل أشخاص حقيقيين يريدون استغلال هذا المجتمع بما فيه فائدتهم.

وهكذا يمكن للروبوتات أن تسبب الكثير من المشاكل في عالم الإنترنت. ولمنع حدوث ذلك، اخترع الباحثون في علوم الحاسوب في تسعينيات القرن الماضي تقنية تُدعى بـCAPTCHA. وهي اختصار لـCompletely Automated Public Turing test to tell Computers and Humans Apart، أو اختبار تورينغ المؤتمت كلياً للتفريق بين الحواسيب والأشخاص. وهذف هذه التقنية هو منع الروبوتات من الدخول وإدخال المعلومات في المواقع.

فهناك العديد من الحالات التي يرغب بها ملّاك المواقع بالتأكّد من أن من يقوم بإدخال المعلومات في مواقعهم هو إنسان حقيقي وليس روبوتاً. ومن الأمثلة على الحالات التي يُطلب فيها إثبات أنك لست روبوتاً:

  • عند إنشاء الحسابات أو تسجيل الدخول إلى حساب ما، وذلك لمنع اختراق الحسابات وقرصنتها.
  • عند نشر التعليقات، وذلك لمنع نشر تعليقات عشوائية من قبل روبوتات مصممة لترك تعليقات (ربما ترويجية أو ضارة) في المواقع.
  • عند شراء المنتجات أو التذاكر، وذلك لمنع المضاربة.

والعديد من الحالات الأخرى المشابهة. ولهذه الأسباب يُطلب منك إثبات أنك لست روبوت.

لماذا عليك إتمام أُحجية بصرية لإثبات أنك لست روبوتاً؟

كانت تقنية CAPTCHA أول ما ظهرت عبارة عن صور لكلمات أو أحرف أو أرقام مكتوبة بخط غريب أو متعرّج أو مشوّه إلى حد ما، بحيث تكون محجوبة بخطوط أو تشويش يعيق عمل خوارزميات التعرّف على الأحرف والأرقام الحاسوبية.

ومنذ عام 2007، بدأ مشروع يُسمّى reCAPTCHA لجعل هذه المهام ذات معنى وفائدة. أي لماذا لا نستفيد من هذه المُدخلات التي يقوم بها الأشخاص عند إثبات أنهم ليسوا روبوتات في مشروع مفيد فعلاً؟!

وهكذا أصبحت تستخدم reCAPTCHA لتحويل الكتب إلى كتب إلكترونية ولتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي وغيرها من المهام المفيدة عند إثبات أنك لست روبوت.

وفي عام 2009 استحوذت شركة Google على reCAPTCHA وبدأت باستخدام هذه المنصة لفك تشفير صور وعناوين Google Street View. بحيث تستفيد من كل شخص يقوم بفك هذه الأحجية (الأمر الذي يستغرق ثوانٍ عادةً) لمصلحتها الخاصة. فالأمر أشبه بتعدين العملات الرقمية.

هل هذا قانوني؟ لا ندري ذلك فعلاً. ولكن في الحقيقة فقد قام شخصٌ ما عام 2016 بمقاضاة شركة Google على ذلك، ولكن القضية رُفضت ولم تستكمل أساساً.

واليوم عندما تحل أحجية reCAPTCHA فإنك تساعد غوغل في تدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتطويرها، وذلك من خلال تحديد الأجزاء التي تحتوي أشياءً محددة من الصور التي واجه الحاسوب صعوبة في تحديدها فيها. أي أنك تساعد الحاسوب في الصور التي وجدها صعبة.

وهكذا -والأمر الذي يثير السخرية- أنك عندما تحاول إثبات أنك لست روبوتاً فإنك في الحقيقة تعلّمها التعرّف على الأشياء وتساعدها على حل هذه الأحجيات نفسها في المستقبل. وربما نصل لوقت تصبح فيه حتى الروبوتات قادرة على حل هذه الأحجيات.

كما أنك ومن خلال تحديد ممرات المشاة وإشارات المرور والجسور فإنك تساهم بتدريب الجيل الجديد من السيارات ذاتية القيادة وهي السيارات بدون سائق.

على الرغم من أن غوغل ادّعت أنه اعتباراً من عام 2019 فإن هذه المعلومات لن تستخدم بأي شكل من الأشكال في الوقت الحالي.

ولكن ماذا إذا كنت روبوتاً فعلاً؟

في هذه الحالة، وإذا كنت ذكياً بما فيه الكفاية لقراءة وفهم هذه المقالة، فغالباً أنك ذكي لدرجة حل أحاجي reCAPTCHA. ونعتذر منك أننا اعتبرناك إنساناً. ونتمنى أن ترسل تحيّاتنا لمجتمع روبوتات الذكاء الصنعي 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top